بلقيس.. حكاية الحزن والشعر في حياة نزار قباني
“أيتها الشهيدةُ.. والقصيدةُ.. والمطهَّرةُ النقيَّةْ”
“يا أعظمَ المَلِكاتِ.. يا امرأةً تُجَسِّدُ كلَّ أمجادِ العصورِ السُومَرِيَّةْ”
“بلقيسُ.. يا وجعي.. ويا وجعَ القصيدةِ حين تلمسُها الأناملْ”
قصيدة “بلقيس” تعد من أخلد أعمال الشاعر السوري نزار قباني، حيث كتبها بعد فقدان زوجته بلقيس الراوي في تفجير السفارة العراقية في بيروت عام 1981. لم تكن القصيدة مجرد نص شعري، بل كانت مرثية مليئة بالغضب واللوعة، ومزيجًا من الحزن الشخصي والاحتجاج على واقع عربي مأساوي.
خلفية القصة
تعرف نزار على بلقيس في أوائل السبعينيات، وتزوجها عام 1973. كانت بلقيس أكثر من زوجة؛ كانت ملهمة ومصدر إلهام لعدد كبير من قصائده. وعندما قُتلت في التفجير، شعر نزار أن جزءًا من حياته قد انتهى، وأن الشعر نفسه فقد روحه.
مضمون القصيدة
في بداية النص، يتوجه نزار بأسئلته القاسية إلى القتلة، محمّلًا إياهم ذنب اغتيال الحب والشعر معًا. ثم يرسم صورة بلقيس كأعظم الملكات، وأطول النخلات، وأبهى النساء في تاريخ بابل.
لاحقًا، يستخدم صورًا شعرية قوية ليصفها بأنها “عصفورته الأحلى” و”أيقونته الأغلى”، كما يربط موتها بخراب الأمة وضياع القيم.
السمات الفنية
-
اللغة: امتزجت العاطفة بالبساطة، فجعلت النص قريبًا من القلوب.
-
الرمزية: استعار نزار رموزًا مثل “نينوى الخضراء” و”السنابل” للإشارة إلى الجمال والحياة.
-
الاستعارة والتشبيه: شبّه بلقيس بالشمس والقمر والعطر، ليجعلها أيقونة خالدة في الذاكرة الشعرية.
التأثير الأدبي
لم تكن “بلقيس” مجرد رثاء، بل تحولت إلى صرخة احتجاج على الحروب والاغتيالات التي تمزق الإنسان العربي. وبهذا، جمعت القصيدة بين البعد الشخصي والبعد الإنساني العام، مما منحها تأثيرًا واسعًا في الوجدان العربي.
كلمات مختارة من القصيدة
“بلقيسُ.. كانت أجمل الملكات في تاريخ بابل”
“بلقيسُ.. يا وجعي ويا وجع القصيدة حين تلمسها الأنامل”
“يا أعظم الملكات.. يا امرأة تجسد كل أمجاد العصور السومرية”
الخاتمة
قصيدة “بلقيس” تبقى وثيقة شعرية وإنسانية، تحمل وجع نزار قباني على فقدان حبيبته، وتكشف في الوقت ذاته عن غضبه من واقع عربي مضطرب. هي نص يجمع بين الحب والرثاء والسياسة، وبين الخاص والعام، مما يجعلها واحدة من أعظم مراثي الشعر العربي المعاصر.