في عالم الفن والموسيقى، كانت الشهرة يومًا ما ترتبط بجودة الصوت، قوة الأداء، وجمال الكلمة واللحن. لكن في السنوات الأخيرة، تغيّرت المعايير بشكل جذري، وظهرت أسماء على الساحة الفنية ليس بسبب تميزهم الفني الحقيقي، بل بفضل قوة الحضور على منصات التواصل الاجتماعي.
من بين هؤلاء، بيسان إسماعيل، المغنية السورية التي استطاعت أن تحجز لنفسها مكانًا في عالم الأغاني، ليس من بوابة الإبداع الفني الخالص، بل من خلال الشهرة الرقمية ومتابعي المنصات.
من هي بيسان إسماعيل؟
بيسان إسماعيل مغنية و”يوتيوبر” سورية، ولدت عام 2003، واشتهرت في البداية من خلال منصات مثل يوتيوب وتيك توك، حيث كانت تشارك جمهورها بمقاطع حياتية ويوميات، قبل أن تتحول إلى الغناء بشكل أكثر احترافية من الناحية الإنتاجية، لكن ليس بالضرورة من الناحية الفنية.
البداية مع محمد جواني ودوره في الانطلاق
لا يمكن إنكار أن بيسان إسماعيل اكتسبت جزءًا من شهرتها المبكرة من خلال تعاونها المتكرر مع محمد جواني، أحد أبرز صانعي المحتوى على يوتيوب آنذاك.
مقاطع المقالب والفيديوهات الترفيهية التي جمعتهما حققت ملايين المشاهدات، وجذبت جمهور جواني إلى متابعة بيسان.
حتى الشائعات حول طبيعة علاقتهما، ثم الخلافات التي ظهرت لاحقًا، ساعدت في إبقاء اسمها ضمن الترند لفترات طويلة.
سبب شهرتها السريعة
السر في صعود بيسان إسماعيل لا يكمن في تميز صوتها أو قوة أعمالها الغنائية، بل في:
-
الظهور المستمر على السوشيال ميديا.
-
تقديم محتوى بصري جذاب (كليبات وأسلوب تصوير عصري).
-
استهداف جمهور المراهقين والشباب الذين ينجذبون أكثر للشخصية والحضور على الشاشة، وليس فقط للأداء الغنائي.
-
صناعة صورة “الصديقة القريبة” التي يتابعها الجمهور يوميًا عبر الفيديوهات، وليس فقط عبر الأغاني.
الارتباطات العاطفية ودورها في الشهرة
إلى جانب نشاطها الفني، ارتبط اسم بيسان بثلاثة رجال على الأقل أثاروا الجدل الإعلامي:
-
محمود ماهر: خطيبها السابق، أعلنت انفصالها عنه رسميًا عبر إنستغرام.
-
أنس الشايب: علاقة سابقة أثارت الجدل وعادت للترند مع ظهوره المفاجئ مجددًا.
-
محمد جواني: شريكها السابق في صناعة المحتوى، الذي ساعد في بداية شهرتها.
-
فؤاد جنيد: انتشرت شائعات عن ارتباطهما بعد أغنية “خطيّة”، لكنها نفت مؤكدّة أنه صديق العائلة.
هذا النمط من الارتباطات والانفصالات المتكررة أثار تساؤلات حول ما إذا كانت هذه العلاقات ساعدت في تعزيز شهرتها، خاصة أن بعض هؤلاء الأشخاص يتمتعون بشهرة أو ثراء، مما يخلق ضجة إعلامية ويزيد من الاهتمام باسمها.
لماذا يتفوق الآخرون فنيًا ولكن بلا نفس الشهرة؟
عندما ننظر إلى أسماء مثل:
-
مها فتوني: صوت دافئ وأداء راقٍ يمزج بين الإحساس والقوة.
-
مسلم: فنان مصري يمتلك قدرة هائلة على مزج الكلمات العميقة مع ألحان قوية.
-
سيلاوي: صوت أردني مميز وأسلوب مختلف في التعبير عن المشاعر.
-
محمد موتجيك: فنان شاب يقدم موسيقى ذات طابع خاص وإيقاع متجدد.
-
إسماعيل تمر: مغني راب سوري صاحب كلمات واقعية ورسائل قوية.
-
بيج سام: نجم الراب العربي بأسلوبه المبتكر وإيقاعاته المميزة.
-
رامي جمال: ملحن ومطرب مصري يُعد من أعمدة الغناء الحديث.
-
يوسف العشري: مطرب شاب يقدم أعمالًا قوية من حيث التوزيع والكلمات.
سنجد أن هؤلاء يتمتعون بقدرات فنية أعلى بكثير من بيسان، سواء من حيث جودة الصوت، الإحساس، أو حتى التنوع الفني. لكن جمهورهم ليس بالضرورة جمهور “الترند”، وبالتالي، قد لا يصلون بنفس السرعة إلى الشهرة الرقمية رغم تفوقهم الفني.
المفارقة: هل نحن أمام تراجع في الذائقة؟
ظهور فنانين مثل بيسان إسماعيل على حساب أصحاب الأصوات القوية يفتح باب النقاش حول تراجع الذوق العام وتحوّل الجمهور إلى الاستهلاك السريع للمحتوى.
الأغنية اليوم لا تحتاج إلى عمق في الكلمة أو قوة في الأداء لكي تنتشر، بل تحتاج إلى:
-
لحن بسيط وسهل الحفظ.
-
فيديو كليب جذاب بصريًا.
-
حملة ترويج قوية على TikTok وInstagram.
-
جمهور جاهز لإعادة نشر المقاطع بشكل واسع.
دور السوشيال ميديا في قلب الموازين
السوشيال ميديا لم تغيّر فقط طريقة الترويج للأغاني، بل غيّرت تعريف النجاح نفسه. أصبح النجاح يعني عدد المشاهدات، وليس جودة العمل.
بيسان إسماعيل مثال حي على هذا التحول، فهي فنانة ناجحة رقميًا، حتى وإن كانت أقل إبداعًا من منافسيها على المستوى الفني.
المقارنة الفنية بين بيسان إسماعيل والآخرين
1. الكلمات والمعنى
-
بيسان إسماعيل: كلمات سطحية وسهلة الحفظ، تركز على قصص حب بسيطة وتكرار العبارات.
-
مثال: “علاش” تعتمد على جملة أساسية تتكرر دون تنويع كبير.
-
-
مها فتوني: نصوص شعرية وإحساس عميق، تعالج قضايا وجدانية وإنسانية.
-
مسلم: كلمات تمس القلب مثل “اتنسيت” التي تجسد الخذلان والحزن.
-
إسماعيل تمر: راب صادق يحكي قصص الشارع والحياة اليومية.
-
بيج سام: رسائل اجتماعية وسياسية ملفوفة في قالب موسيقي جذاب.
2. اللحن والتوزيع
-
بيسان إسماعيل: ألحان تعتمد على إيقاعات ترندية، سهلة الترديد لكنها محدودة العمق.
-
سيلاوي: يمزج بين الطابع الشرقي والغربي بإبداع.
-
محمد موتجيك: أسلوب موسيقي متجدد وتجريبي.
-
رامي جمال: ملحن بارع قادر على إنتاج ألحان تترك بصمة طويلة الأمد.
3. الأداء الصوتي
-
بيسان إسماعيل: صوت متوسط المدى، معتمد أحيانًا على الـ Auto-Tune، محدود في الأداء الحي.
-
مها فتوني: صوت قوي ودافئ مع تحكم كبير بالنغمات.
-
مسلم: إحساس عالي وقدرة على التعبير الصادق.
-
يوسف العشري: تحكم ممتاز بطبقات الصوت وتنوع الأداء.
4. التأثير والاستمرارية
-
بيسان إسماعيل: شهرة قوية الآن لكن مهددة بالتراجع إذا فقدت الزخم الرقمي.
-
الآخرون: جمهورهم أعمق وأكثر ولاءً، وأعمالهم يمكن أن تصمد فنيًا لسنوات.
جدول المقارنة
العنصر | بيسان إسماعيل | مها فتوني | مسلم | سيلاوي | محمد موتجيك | إسماعيل تمر | بيج سام | رامي جمال | يوسف العشري |
---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|
الكلمات | بسيطة، مكررة | شعرية، عاطفية | عميقة، مؤثرة | وجدانية | متجددة | واقعية، حقيقية | قوية برسالة | غنائية راقية | متقنة |
اللحن | ترند، سهل | راقٍ ومتقن | متنوع | شرقي-غربي | تجريبي | راب بواقعية | مبتكر | إبداعي | متوازن |
الأداء الصوتي | متوسط، محدود | قوي ودافئ | إحساس عالي | إحساس متزن | متمكن | قوي | حاد وقوي | متمكن | متنوع |
الاستمرارية | مهددة | ثابتة | مستمرة | ثابتة | متطورة | صاعدة | مستقرة | ثابتة | ثابتة |
نجوم التيك توك وصناعة البوب السريع
مع صعود منصات مثل TikTok وInstagram Reels، تغيرت قواعد اللعبة في صناعة الموسيقى. لم يعد الفنان بحاجة إلى ألبوم كامل أو سنوات من العمل لبناء اسم قوي، بل يكفي مقطع مدته 15 ثانية يحقق انتشارًا واسعًا ليطلق مسيرة كاملة.
هذه المنصات صنعت ما يُعرف بـ “البوب السريع”؛ أغانٍ قصيرة، ألحان بسيطة، وكلمات سهلة الحفظ، مصممة خصيصًا لتناسب الفيديوهات القصيرة والترندات.
المشكلة أن هذا النمط جعل كثيرًا من الأصوات الموهوبة تُهمل أو تتأخر في الظهور، بينما يتصدر المشهد من يعرف كيف يصنع ضجة رقمية، حتى وإن كان عمله أقل قيمة فنية.
بيسان إسماعيل مثال بارز على ذلك: نجحت في فهم قواعد اللعبة الرقمية وتوظيفها لصالحها، لكن السؤال يبقى: هل ستستطيع الاستمرار عندما يتغير الترند، أم أن هذه الشهرة ستذوب مع موجة الترند القادمة؟
الخلاصة
بيسان إسماعيل ليست أفضل من مها فتوني، مسلم، سيلاوي، محمد موتجيك، إسماعيل تمر، بيج سام، رامي جمال، أو يوسف العشري من حيث الموهبة الفنية، لكن الواقع أن الشهرة اليوم لم تعد تُبنى على الموهبة وحدها. نحن أمام عصر جديد، حيث يختلط الفن بالترفيه، والموسيقى بالمحتوى البصري، والجمهور هو الحكم النهائي، حتى لو كان حكمه لا يعكس القيم الفنية الحقيقية.